فُتّاك الصحافة بين تحري المهنية وفشل المهنة
بقلم:سيدي محمد الزعيم
لامناص ان كلمة فُتّاك تعود في تأصيلها الى مايسمى زمن الجاهلية،والتي يوازي في معناها في وقتنا الحالي القتلة المأجورين،فكان يقال فلان فَتّاك "أي ما هَمَّ بعدوٍ إلا نَالَ منه"
هذه المقاربة في المعنى تحيلنا الى واقع الصحافة بالوقت الحاضر والتي تلبس ايديولوجيات تقيد من حرية ممارستها النزيهة،فتنتقل من كوة تشفي غليل الرأي العام الى كوة تمر عبرها آلام الشعوب غير آبهة بالمعنى الجوهري النبيل لوجودها،لا لشيء إلا للإرضاء غرور الخط التحريري...الصحافة تحتاج لذات واعية مسؤولة غير خاضعة للإعتبارات أيديولوجية على حساب المهنية والاخلاقية وموجهة للرأي العام،وتسهرعلى حقوقه،وتنبهه الى واجباته،وتكشف له الخبايا التي تدار في الدهاليز
يقول "ابو اليقظان" صحفي جزائري "إن الصحافة للشعوب حياة..والشعب من غير اللسان موات..فهي اللسان المفصح الذرب الذي ببيانه تدرك الغايات"الشعوب منحت ثقتها للصحافة وجعلتها الحارس الامين لتصحيح مسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي،لذلك فهذا الانحراف الخطير للصحافة عبر ابنائها من منبر للتثقيف والتوعية الى منبر لتعميق جهل المجتمع،جره الينا ما اسميتهم"فُتّاك الصحافة"الذين يقتاتون من فتات فضائح مجتمع يجتر في كل لحظة معاناته والتي ينفس عنها عبر الشماته من جهة،وشكر الله من جهة اخرى على نعمة الستر.
تكريس هذه الثقافة المسؤول عنه الذين حادو عن جادة الحق وتسلقو حبال التملق المخزية من خلال استغلال الصحافة،وتطويعها لغايات فردية لا علاقة لها بالمصلحة العامة،سواء على شكل جماعات أو أشخاص.
إن رفع سقف حرية الصحافة في أي بلد بإعتقادي،هو رهين بمستوى وعي هذا المجتمع،ومدى إدراكه للدور الحساس لمهنة الصحافة الامانة الثقيلة الحمل،والخلاص الناجع للأزمات،فهي اللبنة الاساسية والعضو الحساس في المنظومة الاجتماعية الذي يجب ان يحظى بالعناية الفائقة والحرية الكاملة لإحداث ثورة ثقافية تغير اتجاه مجتمع يئن بين مطرقة تدني مستوى التعليم والوعي،وسندان الاخلاقيات المهنية و التجهيل الممنهج الذي يقوده الفتاك.
على الصحافة أن تحدد اتجاهها وتتحمل مسؤوليتها إزاء الوضع الراهن من خلال تقديم محتوى هدام،يزيد المسافة من بلوغ الطموح المنشود في مجتمع مثقف يدعم الصحافة ويعزز موقعها الشفاف الذي لايجب ان يخدش بشوك الانانية وحب الذات وجني الاموال بأي طريقة سيرا على النهج المكيافيلي في تبرير التمسك بالسلطة بأي وسيلة وهو مايجعل قدر التخلف لصيقا بمجتمعاتنا.
لا ايديولوجية للصحافة إلا المهنية والمصداقية ولا خط تحريري لها إلا خط التنوير والتثقيف والتنويه.
تعليقات
إرسال تعليق